سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم

Thursday 2 November 2017

مرة أخرى ، البنوك ، خلق النقود أو توليد النقود - 2


لقد تحدثنا في المنشور السابق عن خلق النقود أو توليد النقود بواسطة البنوك وكيف تتم هذه العملية بشكل مقنن ومدار بواسطة السلطات النقدية في الدول والتي يمثلها البنوك المركزية في كل بلد وتتحكم في طريقة عمل البنوك التجارية بصورة ما من خلال فرض حزمة من القوانين التي تتحكم بدورها في السياسات النقدية بالدزلة. وقد عرضنا إلى موضوع أزمة الرهون العقارية والتي أجلنا الحديث عنها إلى هذا البوست الذي بين يدينا الآن ، ولو شئنا الإيجاز سنقول أن الأزمة المالية العالمية التي أدت إلى انهيار عدد كبير جدا من المؤسسات المالية العالمية كانت نتيجة مباشرة للإفراط في الإقراض لأفراد هم في الأساس من غير القادرين على السداد أو ضعيفي الائتمان الذين قبلت البنوك أن تمنحهم قروضا كثيرة رغم ضعف مواقفهم المالية بسبب طمع تلك لبنوك في تحصيل معدلات فائدة عالية جداً بما يوازي حجم المخاطرة في إقراض أناس ضغيفي الوضع المالي والإئتماني ، فالسبب هنا هو إغراء الربح للبنوك لكونها تمنح قروضا بمعدلات فائدة عالية جدا.

ما هو المركز المالي للفرد ؟ ومتى نقول أن هذا العميل لديه ضعف بالمركز المالي أو مركزه الائتماني ضعيف؟

الشخص الذي يقترض من البنك ويكون عاجزاً عن السداد ولا يملك ما يوازي كل أو جزء من دينه ، يقال عن هذا الشخص أنه لديه موقف مالي ضعيف أو المركز الائتماني له ضعيف ، وبالطبع مثل هذا الشخص يوضع على القائمة السوداء للمؤسسات المالية والبنوك ، فلا يستطيع الاقتراض من المؤسسات المالية أو التجارية الأخرى بسبب وجود ملاحظة على موقفه الإئتماني ، لكن بعض البنوك تقوم بمخاطرة وتقرض مثل هذا الشخص ، وعندما يعجز عن السداد ، تقوم البنك بمخاطرة أكبر لكي تحصل على مبلغ القرض وذلك من خلال إقراض هذا العاجز عن السداد قرضا جديدا عن طريق طرف ثالث بهدف أن يسدد بجزء منه دينه السابق أو إعادة جدولة أقساطه ، وبطبيعة الحال يكون القرض الجديد بفوائد مضاعفة ، وهنا تزداد الخطورة في ألا يستطيع هذا الشخص االوفاء بالتزاماته الكبيرة التي تزايدت عما سبق ، وبديهي أن الإفراط في هذا الأمر وترتيب ديون فوق ديون يزيد العبء على المقترض وفي النهاية يعجز تماما ونتيجة لذلك يحدث أزمات للبنوك وربما تنهار كما قطع الدومينوز ، مؤسسة تلو الأخرى.

نفس الشئ حدث بطريقة أو أخرى حينما لجأت بعض البنوك إلى بيع الديون التي لديها على العملاء بأسعار أقل إلى بنوك أخرى بهدف الحصول على الكاش وهذا ليس حلا للمشكلة بقدر ما هو ترحيل لها من طرف إلى طرف آخر أكثر طبعا من الطرف الأول ويتم من هنا بناء أهرام من الورق (أوراق الدين) التي لا تعدون عن كونها مجرد أوراق وأرقام فقط بدون أدنى تقدم ولو خطوة واحدة صحيحة نحو الحل ، بل على العكس تلك الممارسات تمثل خطوات أسرع نحو الإنهيار العظيم للجميع.


وكخطوة في الإتجاه التصحيحي من بنك البنوك أو السلطات النقدية في الدولة ، تقوم الدول بعمل خطة إنقاذ عاجلة لإنقاذ الجهاز المصرفي لديها من الإنهيار ، فيقوم البنك المركزي مثلا بضخ الكاش أو النقد إلى البنوك التجارية والمؤسسات المالية لكي تستطيع أن توفي بطلبات المقترضين والمودعين من الكاش بحيث تمنع انهيار البنك بسبب عجزه عن الوفاء بالتزاماته المالية ، فهنا يتدخل البنك المركزي لإنقاذ البنوك التجارية. في المثال السابق الذي سقناه في المنشور السابق ، لو قام البنك المركزي بضخ مبلغ 100 ألف دولار مثلا إلى البنك لتمكينة من توفير السيولة اللازمة المطلوبة منه للعملاء ، طبيعي أن البنك المركزي لا يمنح الأموال بلا مقابل ولكن هو يقرض البنوك التجارية بفائدة أيضاً وليس مساعدة لوجه الله بلا مقابل.
القصة لغاية هنا تعتبر منطقية ومقبولة نوعا ما وهو تصرف طبيعي من البنك المركزي لإنقاذ البنوك التجارية العاملة في الدولة ، لكن غير الطبيعي وغير المقبول لا علمياً ولا عملياً هو ما سوف نتحدث عنه في المنشور التالي (منشور رقم 3) والذي سوف نكتشف فيه أن الأمر كله مجرد أرقام مطوحة في الهواء.
يتبع ..

*******

مصدر الصور/ فليكر

































No comments:

Post a Comment