سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم

Thursday, 9 January 2014

نشأة النقود - 2

لفتة جديدة عن التطور التاريخي للنقود:
قبل ابتكار النقود أو استنباطها أو اكتشافها أو اختراعها ، اختر ما تشاء من تلك الكلمات فكلها على اختلافها يمكن أن تعبر عن وجود النقود على هذه الأرض لأن ذلك حدث منذ آلاف السنين وخلال آلاف السنين وفي صور كثيرة جداً ، لذا يصعب وصف ظهور النقود بصفة محددة بعينها ، الشاهد أن قدرة الفرد على إنتاج السلع وتوفير الخدمات للآخرين كان بداية الإنطلاق في عملية التبادل لتلك السلع والخدمات مع الآخرين ، وقد كانت السبيل الذي أفسح المجال أمام البدايات الأولى للتبادل (المقايضة آنذاك) ، مقايضة سلع مقابل سلع وخدمات أخرى يحتاجها الفرد ولا يمتلكها ولكنها متوفرة لدي الآخرين ، وهذا ما أطلق عليه اقتصاد المبادلة أو المقايضة. للتيسير يمكننا تقسيم هذا الموضوع إلى قسمين ، أولهما يمكننا أن نطلق عليه إقتصاد المبادلة أو المقايضة ، والجزء الثاني إقتصاد النقود.
 

أولاً إقتصاد المبادلة أو المقايضة
قبل أن يعرف الإنسان النقود ، كان مضطراً لإستخدام السلع والخدمات التي يملكها كأدوات لاستبدالها أو مقايضتها مقابل سلع وخدمات  يحتاجها وهي بحوزة الآخرين ، لذلك فإن قدرة الإنسان على اقتناء ما لدى الجانب الآخر من سلع كان  يعتمد بشكل كبير على ما لديه هو من سلع وخدمات يقبل بها الطرف الآخر وذلك نتيجة لعدم وجود أداة وسيطة كالنقود كما في الوقت الحاضر ، فالطرف الآخر قد لا يرغب في ما لديك من سلع ، وهذا كان يمثل صعوبات جمة أمام عمليات المقايضة. مما سبق أمكن تعريف المقايضة على أنها (عملية تبادل سلع أو خدمات مقابل سلع أو خدمات أخرى في مرحلة واحدة بدون وسيط بين السلعتين) ما معنى كونها مرحلة واحدة ؟ أي أن المتعاملين يقفان أمام بعضهما فيستبدل كلاً منهما ما لدى الآخر ، سلعة بسلعة في عملية استبدال واحدة ، خذ قمحاً وأعطني دجاجة ، لا يوجد شئ آخر بيدي المتعاملين غير القمح والدجاجة .
أهم سلبيات إقتصاد المبادلة أو المقايضة
1.      عدم توافق الرغبات .
2.      عدم قابلية كثير من السلع للتجزئة أو لنقل صعوبة تجزئة السلع والخدمات.
3.      عدم وجود قيم أو أثمان واضحة للسلع أو الخدمات .
4.      احتمال تلف وتناقص قيم السلع ، ووجود تكاليف لتخزين السلع .
5.      الحاجة إلى التنقل بين الأسواق للبحث عن التوافق .
هذه الأمور وغيرها مجتمعة ساهمت في حث الإنسان المفكر للبحث عن بدائل لمعالجة سلبيات المقايضة ، وبالفعل نجح على في إيجاد النقود السلعية واستخدم بعض السلع كسلع قياسية يقيس بها قيم وأثمان باقي السلع الأخرى وهي ما سميت فيما بعد بالنقود السلعية ، كالقمح عند المصري القديم ، التبغ عند الهنود الحمر ، السكاكين والأدوات عند الصينيين ، وكان الإغريق يستخدمون الماشية كنقود سلعية ، إلخ .. ، ومرت مئات وآلاف السنين حتى انتهى المطاف بهذا الإنسان الرائع المفكر إلى ابتكار النقود واستخدامها  كأداة عبقرية وسيطة للتبادل .
ثانياً إقتصاد النقود
خلال الحقب السالفة التي امتدت آلاف السنين من استخدام أشكال عديدة من السلع لتقوم ببعض المهام التي تقوم بها النقود حالياً ، انتهى المطاف بالإنسانية إلى استخدم المعادن الثمينة كالذهب أو الفضة حيث كانت لها قيمة تبادلية إلى جانب قيمتها كسلعة ، تجدر الإشارة إلى أن أقدم عملة معدنية عرفت حتى الآن ظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد . في كتاب (قصة الحضارة) نجد أن الحكومة الصينية جعلت الذهب هو العملة الرسمية في عهد أسرة شين ، وكانت العملة الصغرى تصنع من خليط من النحاس والقصدير ، لكن ما لبثت هذه النقود أن طردت الذهب من التعامل بسبب ميل الناس إلى الإحتفاظ بالذهب لقيمته الأعلى من بقية المعادن . ولما أخفقت التجربة التي قام بها وو دي والتي أراد بها أن يضرب عملة مصنوعة من الفضة والقصدير لكثرة ما زيف وقتئذ من النقود ، استعيض عنها بشرائح من الجلد يبلغ طول الواحدة منها قدماً ، وكانت هذه الشرائح مقدمة لاستعمال النقود الورقية . ولما أن أضحى ما يستخرج من النحاس أقل من أن يفي بالأغراض التجارية لكثرة البضائع المتداولة ، أمر الإمبراطور شين دزونج في عام 807 من الميلاد أن تودع العملة النحاسية كلها في خزائن الحكومة وأن يصدر بدلاً منها شهادات مدينة أطلق عليها الصينيون اسم "النقود الطائرة . كما رأينا لم يتوقف تطور النقود على ظهور النقود المعدنية من الذهب والفضة بل استمر التطور إلى أن ظهرت النقود الورقية التي تعتبر أهم تطور حدث في تاريخ النقود بعد ظهور النقود المعدنية  .لقد بدأ نشوء النقود الورقية في أوربا في القرن السابع عشر بسبب المخاطر التي يتعرض لها التجار من حمل كميات كبيرة من المعادن النفيسة ، وقد عمد هؤلاء التجار إلى إيداع ما لديهم من ذهب أو فضة لدى الصياغ (تجار الذهب والمعادن النفيسة) للإحتفاظ بها لديهم حيث أنهم وحدهم هم الذين يملكون خزائن حديدية كبيرة وقوية ، وكان الصائغ يعطي للمودع ورقة (سند أو مستند) في شكل إيصال أو شهادة أو تعهد يتعهد فيه برد ما أودع لديه من ذهب بمجرد طلب صاحبه له . بدأ الناس يتداولون تلك المستندات أو الإيصالات في معاملاتهم التجارية كبديل للنقود الذهبية ، وبسبب تلاعب بعض الصياغ عن طريق إصدار مستندات بلا ذهب فقد حدث التطور الأخير الذي تمثل تولي البنوك إصدار تلك المستندات أو الأوراق البديلة للذهب ، فقد أصبح البنك يتسلم الذهب ويصدر الإيصالات وليس الصياغ كذي قبل . ويذكر لنا المؤرخون أن أول محاولة حقيقية لإصدار نقود البنكنوت حدثت في السويد عام 1856 ميلادية ، حيث وجدت النقود الورقية التي أصدرتها البنوك والتي سميت لهذا السبب بنكنوت (بنك نوت) .
*******
مصدر الصور: فليكر 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 



 

 



 


 

 

 

 

No comments:

Post a Comment