لا يمكن الحديث عن النظام النقدي
بمعزل عن النظام الإجتماعي لأن النقود بالأساس هي أحد أهم الأعمدة الأساسية التي
يقوم عليها المجتمع بدون شك ، فكلمة مجتمع ذاتها لا يمكن إطلاقها على أية مجموعات
بشرية إلا إذا كانت بينها مبادلات وتعامل ، فبغير التعامل والتبادل فيما بينها فهي
مجرد مجموعات بسرية بدائية (مجموعات وليس مجتمعاً) . إذن النظم النقدية هي أدوات اقتصادية تتخذ لتسهيل الإنتاج وتبادل
المنتجات بين أفراد المجتمع فيما بينهم وبينهم وبين المجتمعات الأخرى في أماكن
جغرافية أخرى حول العالم ، وهي تعكس بالضرورة وضع الإقتصاد الذي وجدت هي أصلاً لخدمته
، بل هي لاتسير إلا وفقاً له .
هنا لابد من الإشارة إلى أن النظام النقدي يختلف من
مجتمع لآخر وفقاً للنظام الإقتصادي بهذا المجتمع ، فنجد أن النظام النقدي في الأنظمة
الرأسمالية تختلف عن مثيلتها في الأنظمة الإشتراكية وكذلك تختلف عنه في النظام أو
المجتمع الإسلامي ، وهذا الأخير سيتم تناوله باستفاضة لاحقاً لما له من أهمية قصوى
يمكن للعالم كله أن يستفيد منها ، فالنظام الإقتصادي الإسلامي المغمور حالياً هو
طوق النجاة للعالم من الأزمات الإقتصادية والمالية التي تعصف به من وقت لآخر بسبب الثغرات
الفوضوية الموجودة في كلاً من النظام الرأسمالي والنظام الإشتراكي ، وهي ثغرات
شديدة الخطورة تؤدي إلى الإنحراف التدريجي الذي يجر العالم إلى هوة اقتصادية سحيقة
قد لا ينجو منها أحد على وجه الأرض ، بينما الإقتصاد الإسلامي هو طوق النجاة
للعالم كما قال موريس آلييه (العالم والمفكر الإقتصادي العالمي والحاصل على جائزة
نوبل في الإقتصاد وهو مفكر إقتصادي فرنسي غير مسلم أصلاً) .
قد يستغرب البعض ذلك لأنهم لم
يسمعوا عن الإقتصاد الإسلامي من قبل ويظنون أنه أمر جديد أو مستحدث ، ولكن الحقيقة
هي أن النظام الإقتصادي الإسلامي قد نشأ منذ ما يزيد على 1400 سنة في الدولة
الإسلامية الأولى على يد رسول الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وما غاب هذا
النظام الإقتصادي الإسلامي الرائع إلا بسبب ضعف المسلمين . فالمشكلة ليست في
النظام الإسلامي ولكنها في المسلمين الذين تخلوا عنه سعياً وراء سراب لامع خادع
مستورد من الطرف الآخر من الكرة الأرضية ، وسيعودون إليه لاحقاً حين يستوردونه من
العالم الآخر بعد أن يكون قد ارتدى قباعة الخواجة ، فقد انتشرت في كل دول أوروبا
منذ سنوات العديد من المعاهد المتخصصة في تدريس الإقتصاد الإسلامي ، ففي فرنسا
رائدة الليبرالية في العالم تم تأسيس أكبر معهد لتدريس الإقتصاد الإسلامي في
العالم سنة 2007 م ، وكثير من جامعات العالم المتقدم في أوروبا تجبر الطلبة العرب
على أن تكون بحوثهم الإقتصادية في مجال الإقتصاد الإسلامي لكي يمكن للمجتمعات
الأوروبية التي بها تلك الحامعات أن تستفيد من هذا النظام الإقصادي الإسلامي
وتتمكن من إنقاذ اقتصاداتها من الإنهيار الحتمي الذي تنبأ به معظم المفكرين
الإقتصاديين وهي مسألة وقت فقط قبل أن ينهار بشكل كامل.
*******
مصدر الصور:
فليكر
No comments:
Post a Comment