تطورت العملات عبر
العصور
في مسيرة
تحسب بالمئات بل آلاف السنين ، حسبما رأينا في المواضيع السابقة ،
وكانت
لها
أشكال
عدة
فأبتدأت من
التبادل السلعي
للسلع
(المقايضة)
ثم
تطوريت
إلى تبادل
السلع بصورة أرقى قليلاً باتخاذ بعض السلع
كسلع قياسية تقاس بها السلع الأخرى ، ثم تطورت الأحوال لاحقاً إلى اتخاذ المعادن الثمينة كالذهب والفضة
كنقود ، وأخيراً العملات الورقية المعمول بها حالياً
، والشيكات وغيرها من أشكال العملات الورقية
، وما زالت في تطور نحو استخدام الأساليب الحديثة في التبادل التجاري كالنقود البلاستيكية والنقود الإلكترونية وغيرها
تشير الدراسات التاريخية إلى أن الصين كانت أول بلد طبع العملة الورقية وذلك في عهد سلالة تانغ (618 م - 907 م) ، لقد كانت الفكرة الاُولى لنشوء العملة الورقية قد ولدت بين التجار الذين يتنقلون من بلد إلى آخر ، ويحملون نقودهم الذهبية والفضية معهم فكانت عرضة للضياع والسرقة فاستعاضوا ، عنها بوثائق خطية تُثبت مقدار ملكيتهم ، فكانت تمثل البديل الورقي البدائي للعملة المعدنية (الذهب والفضة) وشهادة بقدرة حاملها على دفع المقدار المثبّت على متنها.
وكانت تلك كالورقة تدفع إلى التاجر الذي تشترى منه البضاعة ، وهو بدوره يستطيع أن يتسلّم المبلغ المثبت على هذه الورقة من الشخص المودع عنده مال التاجر المشتري ، ثم تطور استعمال هذه الأوراق فصار بالإمكان دفعها إلى أي بائع أو مشتري بشكل متداول ليكون المرجع النهائي في القبض هو المركز المودع فيه المال. لم تصل النقود إلى أوروبا إلا في القرن الرابع عشر، ولم تتطور إلى ما يشبه وظيفتها الحالية سوى في القرن السابع عشر . كان أول بنك أوروبي يصدر العملة الورقية هو بنك ستوكهولم في العام 1660 م ، إلا أنه فشل في العام 1664 م ، في الوفاء بدفع قيمة كل ما أصدره من عملات ورقية بالذهب ، فأعلن إفلاسه في ذلك العام . وفي العام 1669 م ، بدأ بنك اسكوتلندا بإصدار العملات الورقية ، ولا يزال حتى الآن ، بعد أكثر من 300 عام ، يقوم بهذه المهمة بنجاح ، ليصبح بذلك البنك الذي أصدر عملات ورقية لأطول وقت دون توقف.
في العام 1660 م ، أصدرت العملة الورقية لأول مرة في أمريكا ، وذلك في مستعمرة خليج ماساشوتس (إحدى المستعمرات الثلاثة عشر التي تؤلف أمريكا في ذلك الحين) ، إلا أن العملات الورقية كانت تصدرها بنوكًا خاصة ، مما جعل البعض يرفض استلام بعض العملات التي تصدرها بعض البنوك التي لا يثق بها ، بل وقد كان البعض يستلم عملات أخرى بأقل من قيمتها لنفس السبب . في العام 1776 م (بعد الإستقلال عن بريطانيا) ، بدأ البنك المركزي بإصدار النقود (الدولار) ، إلا أن هذه النقود لم تكن مغطاة بالذهب ، (نقود قانونية) مما لم يشجع الناس على التعامل بها . ولكن القانون الذي أقره الكونجرس ، كان يُجرّم كل من لا يقبل الدولار كعملة باعتباره عدو الدولة الوليدة . لم تستمر هذه الثقة طويلاً ، فتكاليف حرب الإستقلال أجبرت الحكومة على طبع العملات بشكل كبير ، مما تسبب في تضخم هائل أفقد الدولار قيمته ، إلى أن رُبط بالذهب والفضة في العام 1789 م ، على يد أليكساندر هاميلتون . وقد استمر هذا الوضع حتى العام 1860 م ، حينما أجبرت الحرب الأهلية الحكومة الأمريكية على طبع كميات كبيرة من النقود ، التي لم تكن مغطاة بأي من المعدنين (الذهب أو الفضة) . وقد كانت العملات المطبوعة في ذلك الوقت ، هي أول عملة اكتسبت اللون الأخضر الذي يشتهر به الدولار الأمريكي حالياً . التضخم الهائل جعل الحكومة الأمريكية تُعيد ربط الدولار بالمعدنين في العام 1879 م . ثم أعيد فك ارتباط الدولار بالذهب بشكل مؤقت في 1933 م ، على يد الرئيس فرانكلين روزفلت للتخلص من آثار الكساد العظيم ، وقد أعيد ربطه من جديد في العام الذي تلاه مباشرة ، ولكن بتعديل كبير في سعر الدولار ، وكذلك تم منع الشعب الأمريكي ، من استبدال الدولار بالذهب أو الفضة (أو حتى الإحتفاظ بكميات كبيرة من الذهب أو الفضة) ، وقد كان يحق للحكومات الأجنبية فقط استبدال الدولار بأي من المعدنين . في العام 1971 م ، قام الرئيس نيكسون بإعادة فك ارتباط الدولار بالذهب وبقي الدولار منذ 1971م وحتى الآن غير مرتبط بالذهب.
*******
No comments:
Post a Comment